.jpg)
قصة قصيرة
ألوان غامقة
ألوان غامقة
محمد ابراهيم سلطان
أليس من الغــريب أن تطــرأ علـــى وجوههـــم علامـــات التهكم و الانزعــاج ؟ فجأة 00وجدوهـــا ترتدي ثوبهـا الأسود و تزين ملامحها و لكن بألوان غاية في القتامة و الدكنة....الكـل يقـف مشرئبا , فان قرارها لن يكون في مصلـحة البعض لدرجة أن أحدهم مال على الأخر في استياء 0000
ـ تفتكر إنها هتـ0000
لكن أحد المجاورين له أوخذه لكمة أسمعتني طقطقة أسنانه :
ـ فال الله ولا فالك 0
حقا00 فهي منذ لحظات كانت تضاهى فتاة لم تتعـدى الخامسة عشر000غايـــةفي الهدوء والصفاء 00تشارك الكل أحوالهم المتقلبة 00بسيطـة جدا مع عبـده الفران و الأسطى محروس الحـلاق00 مضيئة في عينـي الشيـخ قدري الكفيــف شيـخ كتاب القريـة أينما وجد أمامـه صينيـة الفتة المعمـرة باللحم والزبيب ومتى اســتاقتـه قدماه ناحيـة سرادق أو شـادر لمناسبات الولائم والذبائح حيث لا يفوته عزاء أو تهنئة متشبثا بحجة "الواجب"0
أمـا أنا, فكثيرا ما أجلس أتأملهـا في صمت و أتهجـى في ملامحهـا ملامح قريتنا الغبية 00لقد انطفأت الوجنات المضيئة و تحولت إلى وجوم وكدر 00لا أبصر فيها سوى الشقوق المفحوتة في كفوف والدي والشقاء المرسوم على جبهته منذ خمسين عاما00ان قرارها أصاب القرية بشلل نصفى في أطرافها البحرية ,أجلس أهلها البؤساء على مداخلها يسألون العفو و الرضا 00وجعلنى أتقهقر بذهني تجاه جدي المسن راقدا على ركبتيه النحيلتين في انكماش من شدة البرد وإلى صحبة كومة النار الواهجة مداعبنى :
ـ أصبحنا في آذار و سيقع الجدار 0
ولأنني لا أجيد ارتداء الكلاسيك من الثياب أو حتى إحكام ما يسمونه "رابطة العنق" تلك المدلاة من الرقبـة كنت أخشى أن أخلع جلبابي أو أنسى مهارتي الفذة في إحكـام "الكوفية الوبر" حول عنقي ولأن ما بيني وبين كأس "الفودكا" مقدار عمر يحـاكى عمر قريتنـا الشقية لم أقلع مرة عن أدمانى لكوب الشـاي "التقيل"00أتأبط حذائي و أجول بحثا عن الشيخ الكفيف مهون عزائي الوحيد في القرية و ما أكاد أجده حتى تنفرج أساريري المظلمة :
ـ الولد ابن قنديل الكلب 00قنديل الجزار أعطاني رطليـن عضم وقاللى اعمل عليها شوربة تسند رجليك 00ويدوب وصلت الدار وقلت لأم شعبـان اعملي لي شويـــة شوربـة محبشـة إلا ولقيت رطليـن العضم في ظهـري وشقايقـى خشبة خشبة أتارى ابن الملعونة مشيلنى طريحة خشب0
وما أن ينتهي الكفيف من أقصوصته إلا وأرتكز على الأرض غير مقاوم االضحـك0
ثم ألمحهم يرقبونها00انهـم مزيج من الفـؤوس والشبـاك ! بعضهم يحمـل المنـاجـل المسنونـة والآخـرون يستنـدون إلى قوارب قد نفذ منها ضــوء الشمس 0أطــــراف القريـــة البحرية تلاطمها أمواج البحيرة في شبة مضمار يحف به سياج من غيطان القمح والفول ــ الباهت خضارها ــ فالترع والقنوات صارت يابسة وأضحت عامرة
بالقــوارض ولو بقت على هذا التوالد لاستعمرت القريــة 00يالحسرة الريس سليـم حينما يجد أن ما يصــارعه على البقاء "فأر"من فئران البرارى00 ترى بـأي نظــرات سيشيعه ولده "الهايف"و بأي لــون ستنقلب سحنتـه المغمــــورة بتوجــع التعساء؟!!
"ولما كل هذا الاهتمام بهم؟"ـــ"عند ك حق"00
فهم أيضا يستحقون ما ينوط بهم من هم وغم ولا عزاء لهم إلا في هذا التجمع الذي يطرحونه بعد كل وجبة للتها مز والتنابز "بخلق الله", فثق أنهم لـن يتركـوا أهداب الحديث عنك إلا عندما يرتطم جسدي النحيل بأحداقهم ونصبحا من العشرة المبشرين بالفتنة 0
الآن أظن أنها فرغت من التجمل بالعبوس والتحلي بالسواد واختفت شمسها000 تدلت منها الأشـعة كأهداب مكتحلة 00لحظـات وعلا صراخـها الرعــدي فيغضب وجهامة وبدأت ترسل أمطارها 0000
ـ خلاص مطرت يا رجالة 0
فانطلق بعضهم حاملين فؤوسهم ينظفون فتحات المياه والشقوق الموجودة بالأرض كأطباء يتمنون للجرح أن يندمل ، أما الآخرون فانتحوا بشباكهم منزوعي الظـل كل إلى بيته فيتبلد واستياء 0
لقد فرجت السماء باكية عليـهم 00وخلت الساحة تماما من البشر غيــر أنى ألمــح الشيــخ الكفيف متحفظـا على ابن قنديـل الجزار معلقهم من ساقيه على أحد القوارب وتال عليه ما يتيسر له من آيات الذكر وممـطرا عليه هو الأخر وابلا من الضربات القاسية بواحدة من سعف النخيل000
أليس من الغــريب أن تطــرأ علـــى وجوههـــم علامـــات التهكم و الانزعــاج ؟ فجأة 00وجدوهـــا ترتدي ثوبهـا الأسود و تزين ملامحها و لكن بألوان غاية في القتامة و الدكنة....الكـل يقـف مشرئبا , فان قرارها لن يكون في مصلـحة البعض لدرجة أن أحدهم مال على الأخر في استياء 0000
ـ تفتكر إنها هتـ0000
لكن أحد المجاورين له أوخذه لكمة أسمعتني طقطقة أسنانه :
ـ فال الله ولا فالك 0
حقا00 فهي منذ لحظات كانت تضاهى فتاة لم تتعـدى الخامسة عشر000غايـــةفي الهدوء والصفاء 00تشارك الكل أحوالهم المتقلبة 00بسيطـة جدا مع عبـده الفران و الأسطى محروس الحـلاق00 مضيئة في عينـي الشيـخ قدري الكفيــف شيـخ كتاب القريـة أينما وجد أمامـه صينيـة الفتة المعمـرة باللحم والزبيب ومتى اســتاقتـه قدماه ناحيـة سرادق أو شـادر لمناسبات الولائم والذبائح حيث لا يفوته عزاء أو تهنئة متشبثا بحجة "الواجب"0
أمـا أنا, فكثيرا ما أجلس أتأملهـا في صمت و أتهجـى في ملامحهـا ملامح قريتنا الغبية 00لقد انطفأت الوجنات المضيئة و تحولت إلى وجوم وكدر 00لا أبصر فيها سوى الشقوق المفحوتة في كفوف والدي والشقاء المرسوم على جبهته منذ خمسين عاما00ان قرارها أصاب القرية بشلل نصفى في أطرافها البحرية ,أجلس أهلها البؤساء على مداخلها يسألون العفو و الرضا 00وجعلنى أتقهقر بذهني تجاه جدي المسن راقدا على ركبتيه النحيلتين في انكماش من شدة البرد وإلى صحبة كومة النار الواهجة مداعبنى :
ـ أصبحنا في آذار و سيقع الجدار 0
ولأنني لا أجيد ارتداء الكلاسيك من الثياب أو حتى إحكام ما يسمونه "رابطة العنق" تلك المدلاة من الرقبـة كنت أخشى أن أخلع جلبابي أو أنسى مهارتي الفذة في إحكـام "الكوفية الوبر" حول عنقي ولأن ما بيني وبين كأس "الفودكا" مقدار عمر يحـاكى عمر قريتنـا الشقية لم أقلع مرة عن أدمانى لكوب الشـاي "التقيل"00أتأبط حذائي و أجول بحثا عن الشيخ الكفيف مهون عزائي الوحيد في القرية و ما أكاد أجده حتى تنفرج أساريري المظلمة :
ـ الولد ابن قنديل الكلب 00قنديل الجزار أعطاني رطليـن عضم وقاللى اعمل عليها شوربة تسند رجليك 00ويدوب وصلت الدار وقلت لأم شعبـان اعملي لي شويـــة شوربـة محبشـة إلا ولقيت رطليـن العضم في ظهـري وشقايقـى خشبة خشبة أتارى ابن الملعونة مشيلنى طريحة خشب0
وما أن ينتهي الكفيف من أقصوصته إلا وأرتكز على الأرض غير مقاوم االضحـك0
ثم ألمحهم يرقبونها00انهـم مزيج من الفـؤوس والشبـاك ! بعضهم يحمـل المنـاجـل المسنونـة والآخـرون يستنـدون إلى قوارب قد نفذ منها ضــوء الشمس 0أطــــراف القريـــة البحرية تلاطمها أمواج البحيرة في شبة مضمار يحف به سياج من غيطان القمح والفول ــ الباهت خضارها ــ فالترع والقنوات صارت يابسة وأضحت عامرة
بالقــوارض ولو بقت على هذا التوالد لاستعمرت القريــة 00يالحسرة الريس سليـم حينما يجد أن ما يصــارعه على البقاء "فأر"من فئران البرارى00 ترى بـأي نظــرات سيشيعه ولده "الهايف"و بأي لــون ستنقلب سحنتـه المغمــــورة بتوجــع التعساء؟!!
"ولما كل هذا الاهتمام بهم؟"ـــ"عند ك حق"00
فهم أيضا يستحقون ما ينوط بهم من هم وغم ولا عزاء لهم إلا في هذا التجمع الذي يطرحونه بعد كل وجبة للتها مز والتنابز "بخلق الله", فثق أنهم لـن يتركـوا أهداب الحديث عنك إلا عندما يرتطم جسدي النحيل بأحداقهم ونصبحا من العشرة المبشرين بالفتنة 0
الآن أظن أنها فرغت من التجمل بالعبوس والتحلي بالسواد واختفت شمسها000 تدلت منها الأشـعة كأهداب مكتحلة 00لحظـات وعلا صراخـها الرعــدي فيغضب وجهامة وبدأت ترسل أمطارها 0000
ـ خلاص مطرت يا رجالة 0
فانطلق بعضهم حاملين فؤوسهم ينظفون فتحات المياه والشقوق الموجودة بالأرض كأطباء يتمنون للجرح أن يندمل ، أما الآخرون فانتحوا بشباكهم منزوعي الظـل كل إلى بيته فيتبلد واستياء 0
لقد فرجت السماء باكية عليـهم 00وخلت الساحة تماما من البشر غيــر أنى ألمــح الشيــخ الكفيف متحفظـا على ابن قنديـل الجزار معلقهم من ساقيه على أحد القوارب وتال عليه ما يتيسر له من آيات الذكر وممـطرا عليه هو الأخر وابلا من الضربات القاسية بواحدة من سعف النخيل000
هناك تعليق واحد:
مساء الخير أستاذ سعيد حامد شحاتة ؛
شكراً لك علي الزيارة الكريمة لمدونتي المتواضعة وأرجو أن تجد بها بين الحين والآخر مايفتح الشهية من المؤكولات التي أعيش علي ذكري روائحها وطعمها من أيام إسكندرية. علي فكرة يا أستاذ سعيد ؛ أنا كنت من حوالي ثلاثين عاما سابقة اعمل في قرية تُدعي "عزبة عمرو / مركز مطوبس - مديرية زراعة مطوبس - / محافظة كفر الشيخ" كمهندس زراعي في بلدكم لمدة لم تتجاوز الستة أشهر فقط لاغير؛ لكن أنا أتضح أن ماليش في الخير في بلدكم فقدمت إستقالتي بعد حصولي علي منحة دراسية من جمهورية المانيا . وكل سنة وحضرتك وكل أهل مطوبس الطيبيين بخير وصحة وسلم لي علي قطار مطوبس - البصيلي وبنات الملاحات الطيبيين ربنا يديهم الصحة والعافية للتغلب علي الشقي
تحيات إسكندراني في بلاد الله الواسعة
إرسال تعليق